الخميس، 1 مايو 2014

علم الاجتماع الريفي : تعريفه ومجالاته : (٢)

أما عن مجالات علم الاجتماع الريفي فيمكن حصرها في مرحلتين أساسيتين ارتبطتا بنشأة علم الاجتماع الريفي وتطوره هما: 

١-المرحلة الأولى : وهي مرحلة الأزمات والكوارث السابقة على الحرب العالمية الثانية وفيها انصبت مجالات علم الاجتماع الريفي على دراسة مشكلات المجتمع الريفي لاعتبارات الخدمة الاجتماعية ، الا أن البعض كان يعالج موضوعات سوسيولوجية تقليدية كالمجتمع المحلي والتعليم والأسرة والتقسيم الطبقي والهجرة . لكنها كانت تعالج أيضاً حينما تعاني من مشكلات معينة أي أنها لم تكن تدرس دراسة أساسية ،بل لأهداف تطبيقية وعملية وكانت تستخدم مناهج وإجراءات فجة ساذجة 
٢-المرحلة الثانية : تحول اهتمامات علم الاجتماع الريفي منذ الحرب العالمية الثانية من المشكلات الاجتماعية إلى الموضوعات ذات الدلالة السوسيولوجية ليس فقط تلك الموضوعات التقليدية في تراث علم الاجتماع الريفي كالتنظيم الاجتماعي ، وإنما بدأوا يهتمون بموضوعات ذات أهمية كبرى في علم النفس الاجتماعي والاتجاهات ، والشخصية ، والطامح ، والقيم والقيادة ، والاتصال والانتشار وغير ذلك . 

في حين حدد "لورى نيلسون "  Lory Nelson مجالات اهتمام علم الاجتماع الريفي في ثلاثة أبعاد أساسية أطلق عليها العرض والطول والعمق . أما البعد الأول وتمثل في العرض ويعني أن عالم الاجتماع الريفي لا يقتصر على وصف مجالات الحياة المحلي في الجانب الأفقي فقط، بل يجب آن يتضمن كافة أشكال الاتصال والعلاقات في نطاق الحيز المكاني ، أي أنه يهتم بتلك الوظائف التي الحياة الاجتماعية للإنسان الريفي، ومن ثم يكون مجاله عريض الاتساع يتنوع بقدر تنوع صور العلاقات والاتصالات الاجتماعية المختلفة .
 في حين يركز البعد الثاني على الطول، بمعنى أنه لا يتوقف على عملية وصف وتحليل المجتمع الريفي كما هو قائم ، وإنما لابد لعالم الاجتماع الريفي أن يدرك البعد الزمني فالمجتمع نتاج فترة طويلة من التفكير والتراكم الثقافي والخبرات الماضية العديدة ، فأي مجتمع من المجتمعات ليس وليد اللحظة التي يوجد فيها، ولكنه محصلة لفترات طويلة قامت بتشكيله على النحو الذي هو عليه ، فهو نتاج عملية تطورية مستمرة ، ولذلك فعالم الاجتماع الريفي مطالب بتوضيح القوى والعوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت على تشكيل الظواهر الاجتماعية أي التركيز على البعد التاريخي للمجتمع أصوله وعوامل التغير وأسبابها وما ينتج عنها .
بينما يتعلق البعد الثالث والأخير من مجالات علم الاجتماع الريفي في العمق ،فنحن لا نستطيع أن نفهم الحياة الكلية للجنس البشري بدون معرفة الفرد نفسه من حيث احتياجاته ودوافعه واتجاهاته . أي كل أنواع السلوك المختلفة .

وبعد أن كان مجال علم الاجتماع الريفي شبه مركز في العلاقات الاجتماعية والجماعات والمشكلات الاجتماعية، اتجه نحو التوزيع والتوسع ليضم موضوعات كثيرة يحددها "بونز" على النحو التالي :
١- أيكولوجيا القرية التي تهتم بدراسة أنماط المناطق الريفية وأنماط المسكن ومناطق التجارة والمعاملات والخدمات . 
٢-التركيب الديموجرافي أو السكاني للسكان الريفيين .
٣- طبيعة الهجرة الريفية -الحضرية وأسبابها ومصاحباتها.
٤-الفوارق الريفية-الحضرية مع التركيز على الخصائص السكانية .
٥- مستوى المعيشة داخل التدرج الاجتماعي الاقتصادي .
٦- العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع المحلي وما يحويه من جماعات اجتماعية .
٧-بناء النظم الاجتماعية كالتعليم والدين والسياسة 
٨-الأسرة والقرابة والزواج 
٩-الفروق المهنية والتدرج الاجتماعي
العلاقات الريفية الحضرية وتأثير تحضر المجتمع الريفي على مكوناته المختلفة.

بينما قام "سيويل" William Sewell بحصر مجالات اهتمام علم الاجتماع الريفي وفقا لأساس تصنيفي  ينهض على أساس نقاط التركيز الكبرى وما تنطوي عليه هذه المحاولات الكبرى من موضوعات متخصصة مع إسقاط بعض الدراسات أو ضم البعض إلى دراسات أخرى ، وقسم البحوث التي نشرت خلال تلك الفترة التي تمتد من ١٩٣٦-١٩٦٥ إلى ثلاث مراحل أو فترات فرعية تمثل كل منها عقدا من الزمان :
~ المرحلة الأولى : وتقع فيما بين عامي ١٩٣٦-١٩٤٥ وهي فترة الأزمات والكساد الاقتصادي والحرب العالمية الثانية التي ترتب عليها مشكلات عديدة عانى منها المجتمع الأمريكي وبالتالي أثرت في اهتمام المختصين 
~ وتقع المرحلة الثانية : فيما بين عامي ١٩٤٦-١٩٥٥ وهي مرحلة نقاهة النظام الاقتصادي العام والتغيرات الكبرى في الاتصال ووسائل الانتقال والميكنة والتحضر 
~ أما المرحلة الثالثة : فتقع فيما بين عامي ١٩٥٦-١٩٦٥ وهي مرحلة الاستقرار والرخاء الاقتصادي التي أثرت في المجتمع الأمريكي والزراعة المصنعة وارتفاع مستويات المعيشة والتقلص الكبير لسكان المزارع .
وبناء على تلك الفترات التي قسمها " سيويل " قام بتحديد مجالات اهتمام علم الاجتماع الريفي على النحو التالي :
أ-مجالات نالت اهتمام الباحثين خلال كل مرحلة تاريخية من المراحل الثلاث .
ب-مجالات نالت اهتمام الباحثين على مستوى العقود الثالثة . 

(أ) المجالات التي نالت اهتمام الباحثين مرتبة حسب المراحل التاريخية فقد جاءت على النحو التالي :
أولاً: في الفترة  الأولى تركز اهتمامها على الاجتماع الريفي  حسب الترتيب في  المجالات التالية :
١-دراسة التنظيم الاجتماعي بما يحتويه من موضوعات متعددة مثل المجتمع المحلي ، التعليم، الأسرة، النظرية، والتدرج الاجتماعي .
٢-الرفاهية السياسية والاجتماعية وبخاصة السياسة والتخطيط والعمل الزراعي، و مشكلات الحياة الريفية والفقر والسكان .
٣-مناهج البحث والنظرية وما يتعلق بجميع البيانات والقياس
٤- ثم جاء الاهتمام بمعدلات قليلة بعلم النفس الاجتماعي والسكان والعلم نفسه والتغير الاجتماعي .
ثانياً: تركز مجالات اهتمام علم الاجتماع الريفي في الفترة الثانية في :
١-التنظيم الاجتماعي بما يحتويه من الاهتمام بالمجتمع المحلي، والتحضر ونمو الضواحي والأطراف ، والتعليم والأسرة ، التدرج الاجتماعي، النظرية، والملكية الزراعية .
٢-الرفاهية السياسية والاجتماعية بالتركيز على الصحة والإسكان ومستوى المعيشة ومشكلات الحياة الريفية ، والعمل الزراعي . 
٣-التركيز على مناهج البحث والعمل نفسه من حيث مكانته ومستقبله ، ثم علم النفس الاجتماعي وأخيرا التغير الاجتماعي وبخاصة الانتشار والتغير التكنولوجي . 
ثالثاً: في حين مجال اهتمام علم الاجتماع الريفي في المرحلة الثالثة يختلف إلى حد كبير ، وذلك كما سبق أن أوضحنا يرجع إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية حيث جاءت مجالات الاهتمام تركز على :
١-التنظيم الاجتماعي: وبخاصة المجتمع ، والتعليم ، والتدرج الاجتماعي للمِلْكِيَّة الزراعية .
٢-بينما جاء الاهتمام بعلم النفس الاجتماعي يحتل المرتبة الثانية وبالذات التركيز على الاتجاهات والشخصية والمشاركة والقيادة والاتصال .
٣-ويحتل التغير الاجتماعي المرتبة الثالثة وبخاصة الانتشار والنمو الزراعي والتغيير التكنولوجي .
٤-ثم الاهتمام بمناهج البحث والرفاهية السياسية والاجتماعية.

(ب)أما المجالات التي نالت اهتمام علم الاجتماع الريفي على مستوى العقود الثلاثة فكانت منحصرة في دراسة التنظيم التي حظت على أكبر نسبة ٣٠.٨٪ وبخاصة التعليم والأسرة والتدرج الاجتماعي، يليها الاهتمام بعلم النفس الاجتماعي ١٣.١٪ ثم مناهج البحث ١٠.٦٪ وإن كانت الرفاهية السياسية والاجتماعية قد حظت على اهتمام كبير في الفترة الأولى والثانية بينما اختلف الحال في المرحلة الثالثة .

ثم جاء موضوع السكان بتفرعاته المختلفة كاتجاهات النمو السكاني والتركيب والتوزيع والخصوبة والوفيات والهجرة ، علما بأن موضوع السكان يعد واحدامن الموضوعات التقليدية في علم الاجتماع الريفي .أما مبحث التغير الاجتماعي فقد نشرت فيه مقالات نظرية وصفية كال تجديد والانتشار والميكنة والتنمية الاجتماعية والزراعية .
ويعني هذا التغير في مجالات علم الاجتماع الريفي أن المتخصصين فيه قد غيروا اهتماماتهم من المشكلات الاجتماعية الريفية إلى مجالات أخرى ذات أمية سوسيولوجية ، وهذا لا يعني أنهم هجروا هذه المشكلات ، ولكنهم اتجهوا إلى رؤيتها من منظور سوسيولوجي أكثر اتساعا .
وإذا كان علم الاجتماع الريفي بالمعنى الأمريكي لم يظهر في أوروبا إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، وكان علم الاجتماع الأوروبي لم يهتم بدراسة علم الاجتماع الريفي وحتى حينما ظهر هذا العلم نتيجة العوامل سابقة الذكر ، فقد انحصر مجال اهتمام هذا العلم على دراسة مايلي :
١-الاهتمام بثقافة المجتمعات وقيمها حيث تعالج موضوعات مثل الانتشار في ضوء النظريات الكبرى للانتشار الثقافي من ناحية وفي ضوء القيم والمعايير التقليدية من ناحية أخرى  . وربما يرجع ذلك التباين في مجال الاهتمام عن المفهوم الأمريكي ، نظرا لاختلاف المجتمعات الريفية في أوروبا عنها في أمريكا فهي مجتمعات تاريخية أو تقليدية أو لها ثقافات خاصة .
٢-ركزت معظم الدراسات الأوروبية على دراسة المجتمع القروي بوصفه كلا ، دون التركيز على موضوع أو ظاهرة بعينه داخل مثل هذا المجتمع القروي، مثال اختيار القادة في القرية ، أو التقسيم الطبقي للمناطق الريفية .
٣-أخذت الدول النامية نفس الخط تقريبا في تحديدها لمجال علم الاجتماع الريفي .



     Dr.sayedghonim

هناك 5 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. طرح ممتاز ومفيد جدا لكم جزيل الشكر عليه

    ردحذف
  3. طرح ممتاز ومفيد جدا لكم جزيل الشكر عليه

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  5. معلومات داسمة و فيه جهد متميز في تقديم هذا التخصص الاساسي في علم الاجتماع.
    مشكور على هذا الجهد و العمل النوعي

    ردحذف