الأربعاء، 16 أبريل 2014

أنواع التغير ومجالاته :

كما اختلف العلماء في تعريف التغير الاجتماعي ، اختلفوا أيضاً في أنواع التغير ومجالاته .فذهب البعض إلى تقسيم الباحثون التغير الاجتماعي إلى ثلاثة أنواع أساسية هي :
١- التغير الاجتماعي المستقل :أو بمعنى آخر التغيير الاجتماعي الذي تحدده وتقريره السلطة السياسية ، أما لانه مطلوب لذاته أو لما سيترتب عليه من تداعيات مرغوب فيها .وقد ينشأ هذا النوع من التغييرفي وجود التخطيط أو غيابه ، أو التمهيد لتطبيقه ، وهناك أمثلة عديدة على هذا النوع من التغيير فعلى سبيل المثال:قواعد ملكية الأرض وحيازتها ، العلاقة بين المالك والمستأجر سواء القانون القديم ( الإصلاح الزراعي أو القانون الجديد). وهذا النوع من التغير هو تغير مقصود يستهدف احداث تغيرات في مجال أو آخر من المجالات التي أشرنا إليها .وربما يستهدف تهيئة ظروف أفضل للتخطيط أو المساعدة على نجاح خطط بعينها .
٢- التغير الاجتماعي التابع أو الضمني : ويقصد به ماقد ينتج عن التغير الاجتماعي المستقل من تداعيات قد يكون بعضها متوقعاً ، وقد يكون البعض الآخر غير متوقع ، وقد يكون بعضها مرغوبا فيه والآخر غير مرغوب فيه . كما يشتمل هذا النوع من التغير ماقد يترتب على تنفيذ السياسات أو الخطط من آثار اجتماعية ومن الأمثلة على هذا النوع من التغير ما ترتب على حركة التأميم والتوسع في القطاع العام في الستينيات من نشؤ طبقة أو فئة أو شريحة اجتماعية ذات نفوذ قوي من التكنوقراطيين والبيروقراطيين الذين عهد إليهم بتسيير الاقتصاد . كذلك أيضاً ما ترتب على نمط التخطيط العمراني والإقليمي في السبعينيات من ضخ استثمارات ضخمة لإنشاء المساكن في المدن الجديدة دون أن يصحب ذلك انتقال أعداد يعتد بها من السكان .ما ترتب على التصنيع من مشكلات بيئية كبيرة .
٣- التغير الإجتماعي التلقائي :ويظهر كمحصلة لتفاعلات القوى والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .كما ينتج أيضاً من التشابكات المعقدة التي تزخر بها القاعدة الاقتصادية للمجتمع وبنيته الفوقية ، وكذلك الآثار التراكمية التي تحدث على المدى الطويل للتغيرات الاجتماعية التابعة والمستقلة . وهذه التغيرات تحدث سواء في وجود سياسات وخطط أو في غيابها ، حيث أن القدرة البشرية على التحكم في المجتمع لا تزال بعيدة عما يمكن أن نطلق عليه الهندسة الاجتماعية .وقد تكون هناك أوجه شبه بين التغير الاجتماعي التابع والتلقائي ، ولكن أهم ما يميز الأول عن الثاني أنه ليس من السهل تتبع المصادر المحددة للتغيرات الاجتماعية التلقائية .
بينما يرى البعض الآخر أنه يمكن تحديد أنماط التغير في أربعة أنماط أساسية تنطلق من أربعة مشكلات تواجه أي دارس للتغير الاجتماعي يمكن صياغتها في أربعة تساؤلات رئيسية هي :
أ-المشكلة الأولى :أين ينشأ التغير ؟ وفقا لتلك المشكلة يمكن تنميط التغير إلى :التغير من الداخل :أي من داخل المجتمع، والتغير من الخارج . وأبرز مثال على ذلك التغيرات التي حدثت في البلدان النامية خلال الفترات السابقة ولا تزال في معظمها تغيرات خارجية (التكنولوجيا، الغزو الثقافي......الخ). ولكننا نجب أن نضع في الاعتبار لا يمكن حصر جميع أنواع التغير في هذين النوعين فقط . ولكن التساؤل الرئيسي هل توجد فروق ذات دلالة بين التغيرات الداخلية والخارجية الأمر الذي يطرح مشكلة أخرى في هذا السياق ألا وهي :أين يبدأ التغير داخل مجتمع معين بغض النظر عن مصدره ؟ بمعنى أي النظم تتعرض للتغير أولا ؟ وتنطوي هذه  المشكلة على مشكلتين أخريين هما : مشكلة عوامل التغير ، ومشكلة الجماعات الاجتماعية التي تقود التغير ، وتؤكد الشواهد التاريخية أنه يمكن تصنيف عمليات التغير وفقا للمجالات أو الجماعات إلى اقتصادية وسياسية ودينية .....الخ .
ب-المشكلة الثانية : ماهي الظروف التي تنبثق عنها التغيرات الواسعة النطاق ؟ووفقا لهذه المشكلة يصنف التغير إلى : تغيرات واسعة النطاق ، وتغيرات محدودة النطاق . فلا يمكن بحال من الأحوال تفسير قيام الإمبراطوريات القديمة أو الدول الإقطاعية أو المجتمعات الرأسمالية الحديثة بطريقة واحدة  ، أو على أساس حكم عام واحد . وإن كان البعض يعتبر عملية التصنيع عملية خاصة من عمليات التغير يمكن من خلالها ليس فقط تنميط التغير، بل تنميط المجتمعات النامية .
ج-مأهولة معدل التغير ؟ قد يحدث التغير الاجتماعي بسرعة في بعض الفترات أو في بعض المجالات أو ببطء وربما بصورة غير ملحوظة ، كما أن معدل التغير قد يتزايد أو يتناقص . ومن ثم يمكن التمييز بين التغير التدريجي والتغير الثوري ، وهناك أمثلة عديدة على هذين النوعين من التغيرات .
د-هل يعتبر التغير الاجتماعي شيئا خاضعا للصدفة ، أم تحكمه علل محددة  ؟ أو هادفا على نحو معين ؟ ويجب أن تكون جميع مظاهر التغير الاجتماعي تقريبا تغيرات هادفة ، حيث أنها نتيجة أفعال هادفة صادرة عن أفراد معينين . غير أن هذه الأفعال يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير مقصودة أصلا وذلك لأن الأفعال الفردية لم يتم التنسيق بينها، وأن بعضها يمكن أن يعوق الأخرى أو يشوهها .
بينما ذهب فريق ثالث إلى تقسيم أنواع التغير ثلاثة أنواع أساسية هي :
١- التغير في القيم الاجتماعية : عند الانتقال من الإقطاعي إلى النمط التجاري ، كان الفرسان ورجال الدين يمثلون قمة المجتمع في النمط الأول ، وكانت القيم السائدة مرتبطة بأخلاق هاتين الطبقتين ، وهي قيم الشجاعة والأرستقراطية والزهد ولم تحظى الوظائف الاقتصادية بالتقدير رغم أهميتها ، وكان المشتغلون بها في رتبة أقل . أما بالنسبة للنمط الثاني ، فقد كان الانتاج الاقتصادي مثل المقام الأول ، وقادة الميدان .
٢-التغير في النظم الاجتماعية :ويقصد به التغير في البناءات الاجتماعية ، كالتغير في نظام تعدد الزوجات ، ومن النظام السياسي الملكي إلى النظام الجمهوري ، ومن الحكم المطلق إلى  الحكم الجمهوري .
٣-التغير في مراكز الأشخاص :قد لا يكون تعاقب الأشخاص في مراكز اجتماعية عالية تغير بنائي ، ولكنه يؤدي في ظروف معينة إلى تغير بنائي .
ويقسم بعض العلماء أنواع التغير من زاوية أخرى مع اختلاف آرائهم في ذلك ويرون أن التغير ينقسم إلى أربعة أنواع هي :
١-فيرى البعض أن التغير قد يكون تراجعيا أو نكوصيا ، أي نوع من التدهور أو الانحطاط والتأخر من حالة الكمال إلى أدنى منها .
٢- أن التغير يكون ارتقائيا تقدميا ، وقد ظهر هذا الاتجاه في القرن التاسع عشر ويربطون بين التغير والتقدم فالتغير في كل الظروف هو تقدمي .
٣-ويرى أنصاره أن التغير يسير في اتجاه دائري ، والمجتمع في رأيهم يمر يمر بنفس المراحل التي يمر بها الانسان الانسان من الميلاد إلى الطفولة إلى البلوغ إلى النضج والاكتمال ثم الشيخوخة ، وينتهي الأمر بالموت .
٤-أن التغير يسير في اتجاه تذبذبي أي يتقدم المجتمع ثم ينتكس ثم يعود فينتقدم في غير نظام 
ومن ثم يؤكد معظم  الباحثين أن للتغير مجالات عديدة يمكن حصرها في عدة مجالات أساسية هي :
١- مجال البنية الطبقية وما يتصل بها من عمليات للحراك الطبقي : أي تغير الأوزان النسبية للطبقات المختلفة وصعود وبروز طبقات ، وتراجع وانكماش أخرى من حيث القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي .
٢-مجال توزيع الدخل والثروة : وكذلك توزيع ملكية الأصول الإنتاجية بين القطاعين العام والخاص ، وتوزيعها أيضاً بين المواطنين والأجانب ، وهو أمر وثيق الصلة بالتغير في النظام الاقتصادي .
٣-مجال الأسرة : وبخاصة وضع المرأة والشباب .
٤-مجال السكان والتشغيل والبطالة وما يترتب عليه في المجتمع ، والزيادة السكانية .
٥-مجال التعليم والإعلام والثقافية .
٦-مجال العمران : واستصلاح الأراضي وإقامة مستوطنات بشرية جديدة .
٧- مجال الاستقرار الاجتماعي والتمتع بالأمان .
٨- مجال العمل الأهلي ومايؤدي إليه من علاقات تضامنية بين الأفراد والجماعات أو دعم نفوذ فئات أو شرائح اجتماعية معينة .
٩-مجال المشاركة في صنع واتخاذ القرار، وما يتيحه من فرص متكافئة للطبقات أو الفئات الاجتماعية المختلفة والتأثير في السياسات العامة والخطط التنموية المختلفة .
١٠-مجال دعم مستوى معيشة طبقات أو فئات اجتماعية معينة من دعم وإسكان ومرافق وخدمات والضمان ......إلخ .
وفي واقع الأمر يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك مجال آخر أكثر أهمية وصعوبة ويجب ألا نتغافله وهو علاقة المجتمع بالمجتمعات الأخرى ، والذي يثير غالبا قضية التبعية بكل ما تشتمل عليه الكلمة من معانٍ  .


Dr.sayed ghonim